مبادئ قانونية - تقادم - انقطاع - مطالبة قضائية |
منذ مدة سألني أحد الأساتذة المحامين ، أنه وفي معرض حادث سير ، تعرض له موكل له ، سبق وإن أقام دعوى تعويض مدنية ، بمواجهة السائق والمالك وشركة التأمين ، وإنه أقام الدعوى في يوم تالي لمدة الثلاثة سنوات المحددة ، كمدة لسقوط الحق بالتقادم ، لأن أخر يوم من هذه السنوات ، كان يوم عطلة ، وإن دعواه السابقة انتهت بالرد شكلاً ، لكونه عجز عن تبليغ المدعى عليهم.
وإنه ومن جديد ومنذ مدة ، عاد وأقام دعوى جديدة ، بنفس الموضوع ، إلا إن وكيل شركة التأمين تمسك بالتقادم المسقط للحق ، وإن رأيه الشخصي ، هو أن الدعوى السابقة قاطعة للتقادم ، حتى لو أقيمت بعد إنقضاء مدة السنوات الثلاثة ، على اعتبار أن أخر يوم من السنوات الثلاثة ، كان يوم عطلة ، مما يعني امتداد المدة لأول يوم دوام ، كما هو متعارف عليه قانوناً.
يومها كان جوابي ، إنه من حيث المبدأ وقبل المراجعة ، أن الحق سقط بالتقادم ، ومدة التقادم لا تمتد إلى أول يوم دوام ، ووعدته بالمراجعة ، وتأخرت حتى صدور حكم بالدعوى موضوع السؤال ، والتي كانت منظورة أمام إحدى غرف محاكم البداية المدنية في حلب.
والأن وبعد إن تم رد دعوى صاحب السؤال ، وبعد المراجعة أقول :
معلوم إنه ومن حيث المبدأ ، إن إقامة الدعوى قاطع للتقادم ، حتى ولو قُدمت الدعوى إلى محكمة غير مختصة ، ولكن من وجهة نظر فقهية ، إن مجرد إقامة الدعوى كإجراء ليس بقاطع للتقادم ، وإنما ما يقطع التقادم هو إقامة الدعوى وإجراء التبليغ ، التالي لقيد هذه الدعوى ، وذلك إلى المدعى عليه المدين بالحق أو الالتزام ، فما يقطع التقادم ، هو علم المدين بالمطالبة التي قام بها المدعي الدائن ، وليس مجرد إجراء قيد الدعوى.
وحقيقة لم أجد في سورية ، اجتهاد أو رأي فقهي ، يؤيد هذا الرأي ، ولكن وجدت ذلك في الاجتهاد القضائي المستقر في لبنان وفرنسا ، والذي نذكر منه التالي :
[ إذا أقيمت دعوى إبطال عقد لسبب ما ، ثم أقيمت دعوى أخرى لسبب آخر ، فإن الدعوى الأولى لا تقطع مرور الزمن ، لأن انقطاع مرور الزمن ، لا يمتد من دعوى إلى أخرى ، ولا من شخص إلى أخر ، ولا يستفيد منه إلا الذي يتذرع به ].
أستئناف شمال لبنان.
رقم ( ٦١ ) في ٣ / ٢ / ١٩٦٠ م . ش . ج.
جزء ( ٢٦ ) صفحة ( ٥٨٨ ).
وأكثر منه صراحة الاجتهاد التالي :
[ إن المطالبة لا يكون لها أثر لجهة قطع مرور الزمن مالم تُبلغ إلى المدين ].
استئناف جبل لبنان رقم ( ٣٣٦ ).
في ٧ / ٦ / ١٩٥٥٥ م . ش . ج
جزء ( ٢٦ ) صفحة ( ٥٤٤ ).
ومثله الاجتهاد التالي :
[ إن الدعوى الجزائية ضد مسبب الضرر ، لا تقطع مرور الزمن ، تجاه شركة الضمان ، التي ظلت غريبة عنها ، لأنه لا يمكن أن يُقطغ مرور الزمن ، تجاه شخص لا يعلم بالإجراءات المُتخذة لقطعه ، والموجهة أساساً ضد المتضرر الأساسي في دعوى جزائية ، كان مسبب الضرر فيها مدعى عليه ].
استئناف بيروت رقم ( ١٢٠٨ ).
في ٣٠ / ٦ / ١٩٦٠ ن . ق . ل ١٩٦٠
صفحة ( ٥٧٥٥ ).
ومثله وبهذا المعنى نقض فرنسا.
تاريخ ٥ / ٥ / ١٨٧٨.
دالوز دوري ١٨٨٠ - ١ - ١٤٥٥.
وعليه ومادامت دعوى صاحب السؤال انتهت بالرد شكلاً لعدم التبليغ ، مما يعني أن المدعى عليهم لم يعلموا بالسبب القاطع للتقادم ، وهو المطالبة القضائية ، مما يعني أن الدعوى السابقة لل تنتج أي أثر بخصوص قطع التقادم.
أما مسألة امتداد مدة التقادم إلى أول يوم عمل ، فيما إذا صادف أخر يوم منها ، يوم عطلة ، فإنني لم أجد ما يؤيد ذلك ، لا سلباً ولا ايجاباً ، فلعله يتوفر ، لدى البعض ، ما يُفيد في ذلك.
الاجتهاد منقول عن مؤلف جورج أنطاكي.
[ التقادم المسقط ].
الصفحات ( ١٦٦ - ١٧٢ ).
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة