النشاط المادي لجريمة الاجهاض
بحث النشاط المادي لجريمة الاجهاض |
يتمثل هذا العنصر في كل فعل أو سلوك يأتيه الجاني على الحامل ستهدف من خلاله وضع حد لحياة الجنين، هذا ولم يفرق المشرع بين سلوك وآخر ووسيلة وأخرى، فالوسائل ليست بذات أهمية في نظر القانون كقاعدة، إذ يتوافر النشاط بكل فعل يؤدي إلى القضاء، على حياة الجنين حيث جاء في المادة 449: “من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك برضاها أو بدونه سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من 120 إلى 5000 درهم، وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة” بما يفيد أن النص يطبق حتى في الحالات تستعمل الإجهاض فيها وسائل وإن كانت تبدو مشروعة في ظاهرها فإنها تسهل مع ذلك عملية الإجهاض مثل الألبسة الضيقة جدا وممارسة رياضات لا تصلح للحوامل كالجري أو حمل الأثقال أو ركوب الخيل ولكن في هذه الحالة يتعين أن يثبت القصد الجنائي( ).
ولم يعدد المشرع في المادة 4499 من ق ج كل صور النشاط المكونة للركن المادي في جريمة الإجهاض وإنما سرد بعض الأمثلة لهذا النشاط كإعطاء الحامل طعاما أو شرابا أو أي عقار من العقاقير أو ممارسة العنف ولذلك أردف قائلا “أو أية وسيلة أخرى” ومعنى هذا أن كل وسيلة استعملت بقصد إسقاط الجنين من رحم الأم قبل الوقت المحدد للوضع يكون الركن المادي لجريمة الإجهاض. كما أن المشرع لم يعتد في المادة السابقة بمدة الحمل أو عمر الجنين وبمعنى أن إتيان أي نشاط مادي يضر بالجنين بغرض إسقاطه يعاقب عليه مهما كان عمر هذا الجنين.
ثم إن رضى المـرأة الحامل دائمـا في إطار المادة 4499 لا أثـر له على قيام الجريمة فيستوي أن توافق على إجهاضها أو ترفض وتجهض رغما عنها أو عن طريق الاحتيال عليها كإعطائها مواد أو عقاقير دون علمها، وفي حالة رضاها وموافقتها تطبق عليها العقوبة المخففة الواردة في المادة 454 من ق ج وهي: “… الحبس من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من 120 إلى 500 درهم”
وهكذا فبمجرد إتيان الفعل المادي للإجهاض تقوم به الجريمة التامة إذا هي تحققت النتيجة أما إذا لم تتحقق فإننا سوف نكون بصدد محاولة مادامت هذه الأخيرة معاقبة بمقتضى نص وإن كان المشرع ركز على المحاولة في صورة الجريمة المستحيلة كما يظهر في المادة 4499 ق ج التي عاقب فيها كل من قام “بإجهاض امرأة حبلى أو يظن أنها كذلك” وهذا يعني فحتى ولو كانت المرأة غير حامل بالفعل تقوم الجريمة مادام الجاني استعمل وسيلة الإجهاض وهو يعتقد خطأ أنها حامل ( ).
كما قتوم الجريمة إذا كانت استحالة حدوث النتيجة راجعة إلى الوسيلة المستعملة للإجهاض حيث عاقبت المادة 455 على المساعدة على الإجهاض “… حتى ولو كانت الأدوية أو المواد أو الأجهزة أو الأشياء المقترحة كوسائل فعالة للإجهاض غير قادرة عمليا على تحقيقه” و الذي حمل المشرع على معاقبة الفاعل حتى ولو كان الإجهاض مستحيلا ابتداء، كما في حالة غياب الحمل أن تجريمه للإجهاض لغير ضرورة لم تكن الغاية منه حماية الجنين فقط ولكن أيضا من اجل حماية السلامة الجسدية للمرأة وصيانة حقها في الحياة.
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة