أحاديث الطفولة رغم بساطتها ، قد تفجر فينا سيلا من التساؤلات التي نعجز أحيانا عن الإجابة عنها ، فهذا ولدي يخبرني بعفوية : (( بابا أنت من تصير شايب لازم ترتاح واني اشتغل بمكانك )) .
اثر هذا السؤال في نفسي ، فاغلبنا يرفض فكرة الشيخوخة ، ويكره ان يشرق الفجر في رأسه بالمشيب ، ويريد ان يقضي حياته شابا نشطا ، بل ويعتبر ان ظهور الشيب في الرأس يستدعي البكاء ، فهذا الشاعر دعبل الخزاعي يقول :
لا تَعجَبي يا سَلمُ مِنْ رَجُلٍ
ضحكَ المشيبُ برأسهِ فبكى
ولكن ليس كل ما نريده قابل للتحقق ، فالعمر يجري ولا ينتظرنا ، ونحن أمام ذلك نجري لنستغل قوتنا في بناء ما يخلدنا بعد رحيلنا إلى دار الفناء ، من علم او عمل ، فما الإنسان الا امتداد وحلقة وصل مابين جيل مضى وجيل آت ، أخذنا ممن هم قبلنا القيم والتجارب والمعرفة ، وسننقلها بدورنا لمن سيأتي بعدنا لتستمر عجلة الحياة بالدوران .
وهكذا نحن في مجلس النقابة ( نقيبا وأعضاء ) حرصنا على توقير أساتذتنا الكبار من المحامين الرواد ، وحرصنا على منحهم أسباب العيش الكريم بعد تقاعدهم من العمل بمنحهم راتبا تقاعديا يليق بعمرهم ومكانتهم ، ليس ذلك فحسب ، بل إننا نحرص على ذكرهم وتكريمهم في كل مناسبة او محفل عرفانا لهم بما وصلنا نحن إليه ، فالمحامون الرواد محط اعتزازنا وفخرنا الدائمين ، واهتمامنا بهم رسالة الى المحامين الجدد من الشباب ان يهتموا بتراث مهنتهم وروادها لأنهم أصبحوا رموزا لهذه المهنة النبيلة ، وان كل شعرة بيضاء في رؤوسهم تحمل تحتها تجارب لا غنى لنا عنها .
أساتذتي وآبائي من المحامين الرواد ، لكم مني أنا ابنكم ، كل التحية والتقدير والاحترام .
المحامي
رزاق امير رشيد العبيدي
عضو مجلس نقابة المحامين العراقيين
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة