أرست محكمــة النقض الفلسطينيـــة باجتهادها المدني رقم 50 لسنة 2006م الصادر بتاريخ الثالث والعشرين من نيسان/ ابريل 2007م مبدأً يجعلُ من تغيُّر الهيئة الحاكمة التي استمعت لمرافعةِ وكيل المستأنف، وقيام هيئة جديدة بسماعِ مرافعة وكيلِ المُستأنف عليه وإجرائها للمداولة وإصدارها الحُكم بدون أن تكون قد استمعت لمرافعةِ وكيل المستأنف أو أن يُكرّر مرافعته الختامية أمامها مخالفٌ لنصّ المادة 167 من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م التي تشترطُ أن تكون المداولة بين القضاةِ الذين استمعوا إلى المرافعةِ الختاميةِ؛ وحيثُ أن المادة المذكورة ترتّبُ البطلان على عدمِ مراعاة ذلك، لذلك يتقرّر الحكم ببطلانِ القرار المطعون فيه وبدون داعٍ لبحثِ باقي أسباب الطعن وإعادة الأوراق للمحكمة التي أصدرت الحُكم لتحكُم بها من جديد عملاً بأحكام المادة 236 بفقرتها الثالثة من قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية رقم 2 لسنة 2001م.
كما جاء بقرار النقض/ جزاء رقم 43 لسنة 2003م، الصادر بتاريخ 25 شباط/ فبراير 2004م " حيث أن الهيئة التي سارت في إجراءات المحاكمة وسماع المرافعات غير تلك التي أصدرت القرار، وحيث أن أمراً كهذا من شأنه أن يمسّ حق الطاعن، فالحكمُ يجب أن يصدر من قبل الهيئة التي استمعت إلى المرافعات باعتبار أن المرافعات هي التي تكوّن الرأي ألا وهو الحُكم، ولا يجوز بحالٍ من الأحوال أن تكـون سرعة الفصل في الدعاوى أو تيسير إجراءات التقاضي على حساب الإخلال بواجب الدفاع وحق الطاعن، لذا، وحيث أن السبب الثاني من أسباب الطعن وارد وفي محله ودونما بحث السبب الثالث من أسباب الطعن، نقرر بالأغلبية قبول الطعن موضوعاً ونقض الحكم المطعـون فيـه، وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف لتحكم فيها من جديد بهيئة مغايرة للهيئة مصدرة الحكم بعد سماع مرافعات الطرفين النهائية.
وقد جاء في القرار المخالف لرأي بقية أعضاء الهيئة، أنه " أخالف الأغلبية المحترمة في معالجتها للسبب الثاني من أسباب الطعن وبالتالي في النتيجة التي توصلت إليها؛ ذلك أن الهيئة التي استمعت للمرافعة تتضمن عضوين اثنين من ثلاثة من أعضاء الهيئة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، حيث ترأس جلسة المرافعة المستشار فتحي أبو سرور وعضوية المستشارين هشام الحتو ورفيق زهد وترأس جلسة تلاوة القرار المستشار محمد أبو غوش وعضوية المستشارين فتحي أبو سرور وهشام الحتو.
وهذا التبديل بالنسبة لعضو واحد من أعضاء الهيئة الحاكمة لا يعيب الإجراءات القانونية كما لا يعيب القرار المطعون فيه ولا يخلّ بأي حقٍ من حقوق الطاعن طالما أن اثنين من المستشارين استمعوا للمرافعة وهما الاثنين الذين شاركا في اصدرا الحكم، وانعقدت الهيئة الحاكمة بتشكيلٍ صحيح ونصابٍ قانوني كامل وفقاً لأحكام المادة 20 من قانون تشكيل المحاكم النظامية رقم 5 لسنة 2001م هذا إذ من المفروض حكماً أن يكون رئيس الهيئة الحاكمة قد دقّق الملف والمرافعات قبل تلاوة الحكم ولا يجوز الاحتجاج بغير هذا طالما لم يثبت العكس.
قد يكون ما ذهبت إليه الأكثرية المحترمة صحيحاً لو كان تاريخ تلاوة الحكم هو ذات تاريخ حجز الدعوى للحكم لكن الواقع أن تاريخ حجز الدعوى للحكم كان في 18/11/2003م في حين صدر القرار في جلسة 2/12/2003م بالإجماع مما يفيد أن رئيس الهيئة الحاكمة دقّق في الملف.
ويؤكد هذا أن قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001م لم يرد فيه ما يعيب ما تم من إجراءات، كما أنه في نصوصه لم يعالج هذه المسألة في تبديل الهيئـة الحاكمة، وحيـث أن الإطلاق يؤخـذ على إطلاقه ما لم يقيّد بنص يعتبره مخالفة أو باطل أو مخالف للنظام العام فإن الأمر لا يعدو عن كونه تنظيم داخلي لهيئة المحكمة لحسن سير العمل والسير في الدعوى.
وحيث أن السبب الثاني من أسباب الطعن ليس من الأسباب المنصوص عليها حصراً في المادة 351 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001م فإنني أقرّر ردّه، مما يقودنا لمعالجة السبب الثالث من أسباب الطعن وبهذا الخصوص أجد أن محكمة الاستئناف قد خالفت القانون حينما قرّرت إخلاء الطاعن بكفالة مرتفعة بعد أن توصلت في قرارها المطعون فيه إلى نتيجة من خلال البيّنات المستمعة مفادها أن الطاعن قد أمضى مدة تزيد عن ستة أشهر في التوقيف بدون أن يحال للمحكمة المختصة، الأمر الذي يعتبر مخالف لصريح نص المادة 120 الفقرة 4 من قانون الإجراءات الجزائية رقم 3 لسنة 2001م وليس المادة 120 فقرة 1 كما ورد في القرار المطعون فيه والتي تنص على أنه لا يجوز أن تزيد مدة التوقيف ...على ستة أشهر وألا يفرج فوراً عن المتهم.
لذلك وعملاً بأحكام المادة 354 من قانون الإجراءات الجزائية بدلالة المادة 372 من ذات القانون أقرر نقض الحكم المطعون فيه وإعادة الدعوى إلى محكمة الاستئناف للحكم فيها بهيئة مغايرة".
يبقى أن نشير أخيراً لقرار محكمة التمييز الأردنية رقم 4 لسنة 1989م، والذي جاء فيه أن "تبدّل بعض أعضاء الهيئة الحاكمة أو تغيير تشكيلها لا يمنع الهيئة الجديدة من إصدار الحكم في الدعوى".
وكذلك، قرار محكمة النقض السورية / الدائرة الجزائية رقم 486 لعام 1993م، والذي جاء فيه "الاجتهادُ مستقرٌ على أنه إذا تبدّلت الهيئة الحاكمة ولم يدون ما يشير إلى تلاوة الضبوط السابقة وإلى اكتفاء الهيئة أو أحد أعضائها الذي حلّ محلّ سواه بتلاوة هذه الضبوط وكانت الإجراءات السابقة للتبديل تناولت سماع الشهود وإجراءات جوهرية من شأنها التأثير على صدور القرار فان الإجراءات التي تتم بعدها تكون باطلة".
بقلم: المسـتشار/ أحمـــد المبيض
تعليقات
إرسال تعليق
اذا أعجبك الموضوع فلماذا تبخل علينا بالردود المشجعة